أوزاع متفرقة

مقالات واعمدة صحفية

بقلم_ المهندس حسب الرسول الأمين

اوزاع متفرقة

خفايا العوايد وتأثيرها على الإنتاج كمًّا ونوعًا (١٠)

الرياض_ الأحد الموافق ٢٠٢٥/٦/٢٩م قناة اضواء

كتب المهندس حسب الرسول الامين

نظام التعليم الحديث: زوايا ثلاث (٣-٤)

استطرادًا مع نظام التعليم الحديث كقالب يضعف كثيرًا من الملكات عند الناس كما أسلفنا في أول مقال، فمن عيوب هذا النظام أنه يسوقك في كامل محطاته لتخرج موظفًا بامتياز، وكثير ممن يفشلون في هذه الرحلة لا يجدون محطات في منتصف الطريق ولا ربعه لتؤهلهم للحياة العامة، فإما أن يكونوا موظفين أو يحكم بالتعثر .

وذلك أن بعض الناس استعداداتهم الذهنية وجِبِلَّتهم الطبيعية تؤهلهم للنجاح في غير الوظيفة، لكن الدراسة لا تقدم لهم ذلك؛ إمّا أن تنجح موظفًا، أو تخرج عن نظام التعليم، أو تنفق كثيرًا من عمرك لتتعلم مهارات غير الوظيفة بنفسك.

لم أجد خلال دراستي كاملة مادة عن كيف تصمم مشروعك، أو كيف تبني الشراكات، بل كان التدريس كله عن كيف يمكن أن تكون شخصًا يؤدي أعمالًا وظيفية في مؤسسة ما، كأن المقرر يقول: صناعة المؤسسة ليست من شأني، ابحث عنها في أروقة أخرى.

أذكر مرة قال لنا ذات يوم أحد الدكاترة وهو يقدم لمادة المقرر: (أنا متأكد الكورس ده بأهلك بعد يخلص تشتغل في أي مصنع سكر). هي جملة جيدة في مدح المحتوى الذي يُقدَّم، لكنها تشي بمطلوب التعليم من التعليم.

لا يوجد توجه لإخراج غير موظفين، حتى الكليات التي صُممت لخدمة المجتمع لم تتمكن من تحقيق الأهداف وتحولت إلى آلة تُخرج الموظفين. فجامعة الجزيرة مثلًا من أهدافها تنمية المجتمع المحلي، لكنك لا تجد مسار التعليم داخل الجامعة يحقق هذا الهدف، بل تخرج أناسًا لا ينجحون إلا من خلال الوظيفة.

تجد مثلًا كلية الاقتصاد والتنمية الريفية، والتي هدفها المكتوب هو تنمية الريف والمشاركة في قضاياه، كما هو هدف الجامعة ككل. وأنقل من صفحة الكلية الرسمية:

(تهدف الكلية إلى تأهيل الأطر البشرية القادرة على تحمل أعباء التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وحسن استغلال إمكانات الريف السوداني، وتزويدهم بمختلف المهارات والمعارف والقيم الإيجابية التي تجعل منهم أعضاء فاعلين في عملية التنمية والنهوض بالمجتمع. تستند فلسفة الكلية إلى فلسفة الجامعة التي يمثل الانتماء للريف محورها الأساسي).

بالمناسبة، هذا الاقتباس يخالف مفهوم المقال ويتناقض معه، إذ إن هذا المكتوب يقول إن التعليم لم يُصمَّم من أجل الوظيفة المتعارف عليها (دون خوض في ما اصطلح عليه)، لكن الواقع يقول إن المخرَج لا يعمل. وهذا يعيدنا إلى موضوع العوايد؛ ذلك أن هذه الأشياء مجرد خطط كتبها أشخاص عقلاء وطبقها أناس غافلون، فأخرجوا محاسبًا وطبيبًا ومهندسًا (موظفًا).

حتى دورات التدريب التي يتلقاها المتخرجون لدعم تطورهم (المهني)، كلها تُخرج كادرًا وظيفيًا بحتًا، وكلمة "المهني" نفسها تكشف هذه الرغبة.

والعودة إلى عوايد الناس تجد أنها حكمت على أفعال عامتهم، وصناعة التغيير بالمجاهدة في نقل هذه العوايد التي جعلت كل فئات المتعلمين يميلون إلى الوظيفة دون تفكير.

جميع الحقوق محفوظة

قناة_اضواء